تريند 🔥

🤖 AI

خرافات منتشرة عن السرطان .. احذر منها! الجزء الأول

طارق عابد
طارق عابد

9 د

ابحث عن كلمة “سرطان” في أي محرك بحث وستجد ملايين النتائج التي تنتظر منك قراءتها، ولو بحثت عن “علاج السرطان” ستجد نتائج لا تقل عددًا عن سابقتها وكأن البشر قد قضوا على السرطان منذ مئات السنين، هناك حقيقة لا بد أن نتقبلها وهي أن الطب لم يتوصل لعلاج كل الأمراض بعد كما أن معظم المعلومات المتوفرة خاصة على الإنترنت في أفضل الأحوال غير دقيقة وفي أسوأ الأحوال مضللة تمامًا.

لا يمكننا إنكار أن هناك صعوبة في التفريق بين المعلومات الصحيحة والخرافات وذلك لأن المعلومات غير الدقيقة تبدو في الغالب معقولة ومنمقة بحيث يتقبلها العقل ويقرها المنطق، ولكن إذا بادرت بالبحث والتنقيب وسعيت وراء الأدلة الموثقة ستظهر تلك المعلومات والحقائق على حقيقتها وستعلم أنها مجرد خرافات.

ارتباط أي علاج بكلمة طبيعي دائمًا ما يضفي عليه صبغة النافع والآمن ولكن هذا ليس الحال دائمًا، فليس كل شيء طبيعي نافع للإنسان، والأمثلة عن ذلك كثيرة، كما أنه لا يجب توقع أن كل ما ذُكر أنه طبيعي في الواقع هو طبيعي، إذ إن أغلب المحتالين يعمدون إلى خلط الدواء بالأعشاب لخداع الناس وجعلهم يعتقدون أنهم يتداوون بالأعشاب.

في هذا المقال سنسلط الضوء على أشهر 10 خرافات منتشرة بكثرة عن مرض يسلب أرواح 8 ملايين إنسان سنويًّا ويهدد مئات الملايين غيرهم، لندرك واقعنا ولا ننساق وراء أي أماني زائفة تقصر العمر بدلًا من إطالته.


السرطان من صنع الإنسان وهو مرض حديث


أهرام الجيزة

قد يكون هذا الاعتقاد سائدًا وراسخًا في وعي العامة في وقتنا الحالي عمّا كان عليه بالنسبة للأزمنة الغابرة، ولكن السرطان ليس مرضًا حديثًا أو جديدًا، كما أنه ليس من صنع الإنسان كما هو شائع الآن. تمتد جذور مرض السرطان بامتداد تاريخ الإنسان نفسه ويمكننا أن نجد وصفًا له منذ آلاف السنين في الحضارة المصرية واليونانية، ولقد اكتشف العلماء آثارًا لمرض السرطان في بعض الهياكل العظمية التي يقدر عمرها بثلاثة آلاف عام.

بالرغم من أن الأمراض المرتبطة بأسلوب الحياة العامة للبشر مثل السرطان في ازدياد مستمر، إلا أن أهم عامل من عوامل الخطر بالنسبة لمرض السرطان هو العمر. الحقيقة المجردة هي أن الكثير من الناس يعيشون لفترات طويلة كافية لإصابتهم بالسرطان؛ وذلك بسبب نجاحنا في القضاء على الأمراض المعدية والتغلب على مسببات الوفاة التاريخية مثل سوء التغذية.

من الطبيعي أن يحدث ضرر في الحمض النووي للإنسان كلما تقدم في العمر، وبمثل هذا التلف أو الضرر تزداد فرص الإصابة بمرض السرطان، لا يمكننا أن ننكر أن أسلوب الحياة وتلوث الهواء والغذاء والممارسات الحالية للبشر لها تأثير لا يمكن إهماله في زيادة فرص الإصابة بالسرطان.

التدخين على سبيل المثال يعد السبب وراء ربع الوفيات الناتجة عن السرطان في المملكة المتحدة، ولكن هذا ليس بسبب كاف للقول بأن السرطان مرض حديث العهد بالإنسانية أو سببه ممارسات البشر فقط، فهناك الكثير من الأسباب الطبيعية للإصابة بالسرطان، على سبيل المثال واحد من كل ستة مصابين بالسرطان في العالم تسببت البكتيريا والفيروسات بإصابته.


الأطعمة الفائقة (الصحية) تمنع الإصابة بالسرطان


خضار وفاكهة

التوت، الثوم، الشاي الأخضر، البروكلي، جذور الشمند وغيرها من الأطعمة التي يمكنك أن تجدها في مئات المواقع موصوفة بالأطعمة الفائقة، ولكن في الواقع لا يوجد شيء كذلك، يمكنك أن تعتبر هذه التسمية مجرد مصطلح وهمي يستخدم لزيادة المبيعات ولا يستند إلى أي قواعد علمية.

هذا لا يعني أنك لا يجب أن تفكر فيما تأكل وتختاره بعناية إطلاقًا، فبعض الأطعمة بالطبع صحية ومفيدة أكثر من غيرها والاعتماد على الخضروات والفواكه فكرة سديدة إذا أردت الحفاظ على صحتك، خاصة لو شملت وجبتك مجموعة متنوعة منها لتحصل على كل العناصر، ولكن الاعتماد على نوع معين معتقدًا أنه قد يؤثر في فرص إصابتك بالسرطان هو ما لا يمكنك أن تجد له قاعدة علمية مثبتة.

أجسامنا معقدة للغاية وكذلك السرطان فهو من الأمراض شديدة التعقيد والغموض، لذلك سيكون من السذاجة أن نقول إن نوعًا محددًا من الخضروات أو الفاكهة له تأثير قوي على فرص الإصابة بالسرطان، الحقائق والدلائل التي استنبطها العلماء خلال العقود الماضية تقود إلى حقيقة واحدة سهلة وبسيطة، ولكنها لا تستحق النشر لمن لديهم مصالح أخرى متعلقة بمحفظتك، وهي أن أفضل وسيلة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان هي الالتزام بسلسلة من السلوكيات الصحية على المدى الطويل. على سبيل المثال عدم التدخين، الإقلاع عن الخمر، ممارسة الرياضة والحفاظ على وزن وجسم مثاليين.


الحوامض تسبب السرطان


مصادر فيتامين سي

من الخرافات التي قد تصاب بالدهشة لكثرة واستمرار انتشارها بالرغم من تعارضها الواضح والشديد مع أهم قواعد علم الأحياء، وهي أن أكل الكثير من الحوامض سيتسبب في أن يصبح دمك أكثر حموضة، وبالتالي سيزيد من فرص إصابتك بالسرطان، وستكون نصيحة هؤلاء لك هو أن تلتزم وتزيد من معدل استهلاكك للأطعمة القاعدية مثل الخضروات والفواكه بما في ذلك الليمون، وهذا هو التناقض بعينه.

من المعروف فعلًا أن الخلايا السرطانية لا يمكنها أن تعيش في وسط مرتفع القلوية، ولكن جميع خلايا جسمك لا يمكنها أن تعيش أيضًا في ذلك الوسط. الدم يتميز بوسط قاعدي طفيف حيث تنظم الكليتان هذا الأمر وتحافظ على النسبة في نطاق صحي، وبالتالي لا يمكن لطبيعة هذا الدم أن تتغير ولو لبرهة قصيرة من الوقت وفقًا لما تأكله سواءً كان حامضيًّا أو قلوياً وستخرج نسبة الحموضة أو القلوية الزائدة من جسمك عبر عملية الإخراج الطبيعية.

من أجل الحفاظ على التوازن الطبيعي في جسمك يغير البول مستوى الـpH (نسبة الحموضة) وفقًا لما تأكله، وما يؤكد ذلك هو تغيّر نسبة حموضة البول بعد تناول الطعام، وهذا ما يثبت أيضًا خطأ المعتقد السائد بأن الحمية الغذائية تزيد نسبة القلوية في جسمك، وهذا هو كل ما يمكن لطعامك أن يغيره. تناول الكثير من الخضروات الخضراء يعد صحيًّا ومفيدًا للجسم ولكن هذا ليس بسبب تأثير الخضروات على نسبة الحموضة أو القلوية في الجسم.

هناك حالة طبية فيزيائية تعرف بالحماض acidosis حيث تفقد الكليتان والرئتان قدرتهما على الحفاظ على نسبة الحموضة الصحيحة للجسم pH، وتتسبب هذه الحالة في حدوث تسمم وأمراض خطيرة قد تهدد الحياة إن لم تلق رعاية طبية في الوقت المناسب.

نحن نعلم أن البيئة المحيطة بالخلايا السرطانية (على المستوى المجهري) يمكن أن تصبح حمضية، ويرجع السبب إلى الاختلاف بين طريقة هذه الأورام في إنتاج الطاقة واستخدام الأكسجين مقارنة بالخلايا السليمة. يعمل الباحثون حاليًّا على فهم كيفية حدوث ذلك بهدف استغلاله في إنتاج عقاقير أكثر كفاءة أثناء مقاومة تلك الخلايا السرطانية، ولكن حتّى الآن كما ذكرنا لا يوجد أي دليل يفيد بأن نوعية الغذاء يمكن أن تؤثر في نسبة الحموضة في الجسم أو أن لها أي تأثير على السرطان.


السرطان يتغذى على السكريات


حلويات

من أكثر الأفكار المتعلقة بالسرطان غرابة وانتشارًا فكرة أن الخلايا السرطانية تتغذى على السكر وأنه يجب أن يُلغى السكر من قائمة طعام المصاب تمامًا، هذه الفكرة هي تبسيط مبالغ فيه وغير نافع لجزء معقد للغاية من الطبيعة السرطانية والتي بدأ العلماء في فهمها مؤخرًا.

السكر عبارة عن مجموعة من الجزيئات المختلفة، منها السكر البسيط الذي يمكننا أن نجده في النباتات ومنها الجلوكوز والفركتوز، ذلك المسحوق الأبيض على مائدتك يطلق عليه سكروز ويتكون من الجلوكوز والفركتوز معًا، تعتبر كل أنواع السكر من الكربوهيدرات ويطلق عليها الجزيئات الكربوهيدراتية حيث تتكون من الكربون والهيدروجين والأكسجين.

الكربوهيدرات بغض النظر عن مصدرها يتم تكسيرها أثناء عملية الهضم لمكوناتها الأساسية وهي الجلوكوز والفركتوز ليتم امتصاصهما وانتقالهما عبر الدورة الدموية لتزود الجسم بالطاقة اللازمة للحياة، جميع الخلايا سرطانية كانت أو غير ذلك تستخدم الجلوكوز من أجل إنتاج الطاقة، ولأن الخلايا السرطانية تنمو بمعدل أسرع من معدل نمو الخلايا العادية فهي أكثر تعطشًا لذلك الوقود، كما أن هناك أدلة تشير إلى أن الخلايا السرطانية بإمكانها استخدام الجلوكوز لإنتاج الطاقة بطرق مختلفة عن خلايا الجسم الطبيعية.

يسعى الباحثون للبحث في ذلك الاختلاف في استخدام الطاقة بين الخلايا السرطانية والعادية من أجل استغلاله في تطوير عقاقير أفضل لمحاربة السرطان، ما ذكرناه في الفقرة السابقة لا يعني تحديدًا أن السكر الموجود في الكعك والحلوى والأطعمة الأخرى الغنية بالسكريات يمثل غذاءً للسرطان، لأنه بخلاف أي نوع آخر من الكربوهيدارات فأجسامنا لا تختار أيًّا من الخلايا لتحصل على ذلك الوقود، فالجسم يقوم بتحويل أي كربوهيدرات إلى جلوكوز وفركتوز وأنواع أخرى من المركبات السكرية البسيطة لتمتصها الخلايا حسب الحاجة وفقًا لرغبتها.

بالرغم من أن تقليل كميات السكر كجزء من غذاء صحي وتقليل فرص زيادة الوزن يعد من الأمور الرشيدة، إلا أنه بعيد كل البعد عن التصريح على وجه التخصيص بأن الأطعمة السكرية تغذي الخلايا السرطانية. خرافة الأطعمة الحمضية والسكرية تتعارضان بشكل ملحوظ مع مضمون نصيحتين غذائيتين هامتين، فنحن لا ننكر هنا أهمية اتباع نظام غذائي صحي وتأثيره على السرطان، ولكن النصيحة الغذائية لابد أن تستند إلى حقائق غذائية وعلمية صحيحة، فعندما نتحدث عن إرشادات غذائية تقلل من خطر السرطان سنجد أن الإرشادات التقليدية المعروفة صحيحة مثل الإكثار من الخضروات والفواكه والألياف والأسماك وعدم الإكثار من تناول السكريات والأملاح والدهون واللحوم المصنعة والخمور، ولكن الفرق هو في طريقة تقديم هذه الإرشادات بشكل مغلوط ومضلل.


السرطان عبارة عن فطريات وعلاجه بيكربونات الصوديوم


فطور

مصدر هذه الفكرة هو ملاحظة لم تُلاحظ بدقة وهي أن “الأورام السرطانية دائمًا بيضاء”، المشكلة الواضحة مع هذه الفكرة بغض النظر عن أن الخلايا السرطانية ليست فطرية من الأساس هي أن الأورام السرطانية ليست بيضاء دائمًا مع أن بعضها كذلك، ويمكنك إلقاء نظرة بنفسك من خلال البحث في جوجل. مؤيدو هذه النظرية يزعمون أن السرطان ناتج عن عدوى مصدرها نوع من أشهر أنواع الفطريات يسمى Candida وأن الأورام الناتجة عن السرطان ناتجة عن محاولة حماية الجسم نفسه من هذه العدوى، ولكن بالطبع لا يوجد أدلة تثبت ذلك.

علاوة على ذلك، الكثير من الأشخاص الأصحاء يمكن أن تصيبهم تلك العدوى الفطرية، فهي جزء من منظومة الميكروبات الطبيعية التي تعيش في وعلى أجسامنا، ولكن جهازنا المناعي يتصدى لهذه العدوى ببساطة ولا تشكل العدوى خطرًا حقيقيًّا إلا على من لديهم جهاز مناعي ضعيف أو منعدم مثل مرضى الإيدز.

الحل من وجهة نظر أصحاب تلك الخرافة هو حقن الأورام السرطانية بمادة بيكربونات الصوديوم (هذا صحيح، المستخدمة في العجين)، والعجيب أن هذه ليست الطريقة المتبعة حتّى في علاج العدوى الحقيقية بتلك الفطريات فما بالك بالسرطان، وعلى النقيض هناك أدلة تؤكد أن الجرعات الزائدة من بيكربونات الصوديوم يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة.

بالعودة للواقع، نجد أن هناك دراسات تشير لإمكانية تأثير بيكربونات الصوديوم على الخلايا السرطانية المزروعة في الفئران أو التي تم زراعتها في المختبر عن طريق معادلة الوسط الحمضي المحيط بالخلايا والأورام، كما يقوم بعض الباحثين بتجارب سريرية لتحري إمكانية تقليل آلام السرطان باستخدام بيكربونات الصوديوم ومعرفة الحد الأقصى للجرعة التي يمكن للجسم تحملها بدلًا من دراسة ما إذا كان لها أي تأثير على الأورام السرطانية. بخلاف ذلك لا يوجد أي شيء آخر يربط السرطان بمادة بيكربونات الصوديوم أو الفطريات، كما أنه حتّى اللحظة لم يُنشر أي أبحاث أو أوراق علمية تشير لإمكانية علاج الأورام السرطانية باستخدام بيكربونات الصوديوم.

من الجدير بالذكر أيضًا أنه ليس من الواضح بعد إذا كان من الممكن إعطاء البشر جرعات من بيكربونات الصوديوم يمكن أن تحقق تأثيرًا ملموسًا على السرطان، وما زالت الدراسة قائمة لتحري هذا الأمر، السبب هو أن الجسم يقاوم وبشدة أي تغيير في نسبة الحموضة pH وذلك عن طريق التخلص من بيكربونات الصوديوم عبر الكليتين وهناك خطر يلوح في الأفق إذا أردنا حقن المصاب بجرعة كافية لتؤثر على نسبة الحموضة pH حول الأورام السرطانية، إذ إن ذلك قد يؤدي إلى حالة خطرة يطلق عليها alkalosis أو القلاء.

لندرك المعضلة جيدًا، تشير إحدى الدراسات أن الجرعة المناسبة من بيكربونات الصوديوم لشخص بالغ يزن 65 كيلوجرامًا هي 12 جرامًا يوميًّا، هذه الكمية يمكنها أن تعادل الحمض الناتج عن ملّيمتر مكعب واحد فقط من الورم السرطاني، يمكنك الآن القيام بالحساب بنفسك لتدرك استحالة الأمر.

ذو صلة

المصادر 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة